ملاعب القرب في سلا: من فضاءات رياضية إلى ساحة صراع سياسي



تحول مفاجئ لملاعب القرب في سلا

كانت ملاعب القرب في سلا تُعتبر أحد الحلول الاجتماعية الشبابية التي توفر متنفسًا حيويًا لشباب المدينة لممارسة الرياضة والأنشطة الجماعية.

 لكن يبدو أن هذه الملاعب، التي كان من المفترض أن تكون فضاءات رياضية محضة، تحوّلت إلى ساحة معركة سياسية حيث تسود المصالح الخاصة على حساب شباب المدينة. بدل أن تكون ملاعب للقوة البدنية والرياضة، أصبحت هذه المساحات ساحة لتصفية الحسابات السياسية وتوزيع المنافع الانتخابية.

مشاريع اجتماعية أم مشاريع انتخابية؟

من الطبيعي أن نطرح السؤال: هل هذه الملاعب كانت مشاريع اجتماعية حقيقية، أم كانت مجرد واجهة سياسية لتقديم صورة انتخابية براقة؟ الجواب المؤسف هو أن الملاعب، التي كان يجب أن تكون في خدمة الجميع، أصبحت حكراً على جمعيات مقربة من بعض الجهات السياسية. وللأسف، فإن هذه الجمعيات تتحكم في توزيع هذه الفضاءات، دون أي شفافية، تاركة الشباب يعانون من نقص الفرص.

"جمعيات خيرية" أم مشاريع تجارية؟

إذا كنت في سلا وترغب في ممارسة الرياضة في إحدى ملاعب القرب، فإنك ستجد أمامك عقبة أخرى: الرسوم المفروضة من بعض الجمعيات. هذه الجمعيات التي تُسمى "خيرية" لا تقتصر على تقديم خدمات مجانية للشباب، بل فرضت رسوماً على ممارستهم للرياضة. بدلاً من توفير فضاء مفتوح للجميع، أصبحت هذه الجمعيات تروج لمصالحها الخاصة، مستغلة هذه الفضاءات في المقام الأول لتوسيع نفوذها السياسي، بينما يبقى الشباب في مأزق البحث عن ملعب يمكنهم ممارسة الرياضة فيه دون تكاليف إضافية.

الدوريات الرياضية: رياضة أم دعاية انتخابية؟

الخطير في الأمر هو أن هذه الجمعيات، التي تتحكم في الملاعب، تقوم بتنظيم دوريات رياضية تحت شعارات رياضية زائفة، في الواقع هذه الدوريات لا تعدو كونها مجرد دعاية انتخابية مموهة. المرشحون الذين يقفون وراء هذه الجمعيات يستخدمون الرياضة كأداة لتقديم أنفسهم في صورة المنقذ للشباب، ولكن الحقيقة أن هذه الفعاليات الرياضية ما هي إلا وسائل لتحقيق مصالح انتخابية.

مجلس سلا: متفرج على الفساد؟

ويبقى السؤال الأهم: أين المجلس الجماعي لمدينة سلا من كل هذا؟ هل يقف المجلس مكتوف الأيدي أمام هذا الفساد المستشري في الملاعب؟ للأسف، المجلس الجماعي تحت قيادة عمر السنتيسي لا يظهر أي علامة على الرغبة في إصلاح الوضع.

 رغم التصريحات المتكررة، فإن الفساد يظل مستمراً والملاعب الرياضية تبقى رهينة المصالح السياسية. المجلس يبدو متفرجًا على الوضع، وكأن الملاعب ليست من مسؤولياته.

المعارضة: هل هي حقًا قادرة على إحداث التغيير؟

وعلى الرغم من الأصوات المعارضة داخل المجلس، التي تدعو إلى إصلاح حقيقي في تدبير الملاعب، فإن الواقع يُثبت أن هذه الأصوات لا تجدي نفعًا. فمن الواضح أن المعارضة لم تتمكن بعد من فرض تغييرات جذرية، بل اكتفت بمطالبات دون أفعال ملموسة.

وفي ظل هذا الوضع، سيظل شباب سلا ينتظرون اليوم الذي ستتحول فيه ملاعب القرب إلى فضاءات رياضية حقيقية، مفتوحة أمام الجميع، بدون حسابات سياسية أو مصالح شخصية.

 إن كانت هناك نية حقيقية من المسؤولين والمنتخبين لتحسين الوضع، عليهم أن يثبتوا ذلك بالفعل لا بالكلام. إذاً، يبقى السؤال الأهم: متى ستعود ملاعب القرب إلى أصحابها الحقيقيين، وهم الشباب السلاوي؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال