"كتغوتي علي".. من عبارة طفل إلى عاصفة على مواقع التواصل
مشهد عفوي لطفل في حجرة دراسية تحوّل إلى مادة للسخرية والضحك عبر الويب، لكن خلف هذه الضحكات تختبئ أسئلة عميقة ومقلقة. كيف أصبحت المؤسسات التعليمية مسرحًا لاستغلال خصوصية التلاميذ؟ وهل باتت الكاميرا سلاحًا جديدًا يُحمل بين أيدي من يفترض أنهم مربون؟
الخصوصية المهدورة.. الأطفال في مرمى العدسة
حين تدخل طفلًا إلى المدرسة، فإنك تتوقع أن يجد بيئة تحميه وتضمن نموه السليم، لا أن تُنتهك خصوصيته أمام العالم.
ما شهدناه من تصوير ومشاركة مشهد "كتغوتي علي" بدون إذن ولا سياق يُظهر أن الهواتف باتت تُستخدم لأغراض لا علاقة لها بالتعليم.
الأطفال يتحدثون بعفوية، لكن تلك العفوية تتحول إلى مصدر استغلال من أجل "اللايكات" والمشاهدات، دون أي اعتبار لتأثير ذلك على نفسيتهم.
بين الجدية والتهكم.. ردود فعل متباينة
اللافت في هذا الجدل هو الانقسام الواضح في الرأي العام. هناك من وجد الفيديو مضحكًا ودافع عن المعلمة، معتبرين أن الأمر عادي وربما غير مقصود.
بالمقابل، انتفض آخرون دفاعًا عن الطفل، مؤكدين أن نشر الفيديو ينتهك أبسط قواعد الأمانة الأخلاقية والمهنية.
إذا كان الطفل يقول "كتغوتي علي"، فهل كان يبالغ؟ أم أنها الحقيقة التي لم تعجب المعلمة؟
الربح على حساب المهنة.. متى ينتهي هذا العبث؟
ظاهرة تحويل الفصول الدراسية إلى قنوات محتوى تتزايد بشكل مقلق. بين تصوير اللحظات اليومية والبث المباشر الذي يدوم لساعات، نلاحظ غيابًا كاملًا للوعي المهني. التعليم ليس حلبة للظهور أو البحث عن الشهرة.
إنه التزام ومسؤولية تجاه عقول وأرواح صغيرة. ما نشاهده اليوم يطرح سؤالًا جوهريًا: هل فقد البعض القدرة على التمييز بين التعليم والربح الرقمي؟
الوزارة في قفص الاتهام
الوزارة الوصية لا يمكنها أن تقف موقف المتفرج. ما يحدث هو تجاوز صريح لقيم التعليم وأخلاقياته، ويستدعي تدخلًا صارمًا. إذا لم يتم وضع قوانين واضحة ومطبقة بصرامة، فإن الأطفال سيظلون عرضة للاستغلال. حماية التلاميذ ليست خيارًا، بل واجب يجب أن يُفرض على الجميع.
عواقب نفسية لا تُمحى
الضحك على الطفل أو السخرية منه أمام العالم قد يبدو للبعض تسلية عابرة، لكنه يحمل آثارًا نفسية عميقة على المدى الطويل. كيف سيواجه هذا الطفل زملاءه؟ كيف ستتأثر ثقته بنفسه؟ لا يمكن أن نستهين بآثار هذه الانتهاكات على حياة الصغار الذين هم في مرحلة بناء شخصياتهم.
ماذا بعد؟ أسئلة مفتوحة تحتاج أجوبة
اليوم نحتاج إلى أكثر من مجرد اعتذارات أو بيانات استنكار. نحتاج إلى منظومة تحمي التلاميذ وتضمن أن الفصل الدراسي يظل مكانًا للتعليم، لا عرضًا على "تيك توك" أو "إنستغرام".
إلى أين نحن ذاهبون إن ظللنا نغض الطرف عن هذه التجاوزات؟ وهل سنتحرك قبل أن تُصبح المدرسة مجرد منصة عرض أخرى؟