وزارة الشباب والثقافة.. عندما تتحول الصفقات العمومية إلى حلبة للفساد المُعلن

 




شركة حديثة العهد وصفقات بالمليارات.. صدفة أم فضيحة؟

في مشهد يُعيد فتح النقاش حول شفافية المال العام، قررت وزارة الشباب والثقافة والتواصل منح صفقة بقيمة 3.28 مليار سنتيم لشركة ظهرت فجأة على الساحة سنة 2023.


 الشركة التي تحمل اسم JETR..NT لم تكتفِ بالصفقة الجديدة، بل حجزت مكانها في قائمة "الكبار" بتحقيق أرقام خيالية في ظرف قياسي. ومع كل هذه الأموال، يبدو أن الوزارة لا تجد غضاضة في تجاهل علامات الاستفهام التي تُحيط بهذه التحركات.


من شركة وليدة إلى إمبراطورية صفقات


القصة بدأت في مارس 2023، حينما تأسست الشركة. وبسرعة البرق، وجدت نفسها تتسلم عقودًا ضخمة من وزارة الشباب، وصلت إلى 7.4 مليار سنتيم في ظرف سبعة أشهر فقط. إنجاز خارق لشركة "رضيعة"، لم يتجاوز عمرها العامين، لتتحول بين ليلة وضحاها إلى واحدة من الأسماء الكبرى التي تحصد الصفقات العمومية بكل أريحية.


شبكة مصالح أم عبقرية لا مثيل لها؟


ما يُثير السخرية الحزينة هو كيف تتراكم الصفقات على هذه الشركة دون غيرها. أول عقد بمليار ونصف سنتيم بعد ثلاثة أشهر فقط من التأسيس، تبعه آخر بـ700 مليون، ثم ثالث بـ5.2 مليار. كأن الوزارة تملك عصا سحرية تمنح الأفضلية لشركات بعينها، فيما الشركات المخضرمة التي تحمل خبرة سنوات تكتفي بالمشاهدة في صمت.


وزارة الشباب بين المحسوبية واستغلال النفوذ


ما يحدث داخل الوزارة أشبه بمسرحية عبثية. صفقة تلو الأخرى تُمنح لشركة يبدو أنها "محظوظة"، ولا أحد يتساءل عن معايير الاختيار. هل يتم منح العقود بناءً على الكفاءة والقدرة أم بناءً على العلاقات وشبكات المصالح؟


المال العام بين مطرقة التبذير وسندان السكوت


الأمر لا يتوقف عند شركة واحدة، بل تتسع الدائرة لتشمل شركات أخرى مملوكة لنفس الشخص الذي يُدير JETR..NT. هذه الشركات حصلت أيضًا على عقود بالملايين، ما يجعل الوضع أشبه بشبكة متشابكة تُحكم قبضتها على المال العام. ومع ذلك، لا تحقيق، لا محاسبة، ولا حتى محاولة لتبرير هذه الفضائح.


الفساد المُعلن.. لماذا كل هذا الصمت؟


حينما تُمنح صفقات بمليارات السنتيمات لشركات حديثة الولادة، في ظل إقصاء شركات أخرى ذات خبرة طويلة، لا يمكن وصف ذلك إلا بالفساد. والأغرب أن هذه الوقائع تمر دون أي تدخل من الجهات الرقابية أو فتح تحقيق يُوضح للرأي العام حقيقة ما يجري.


ماذا ننتظر؟


إذا استمر الوضع على هذا الحال، فإن ثقة المواطن في المؤسسات ستتلاشى تمامًا. كيف يمكن لوزارة تدّعي خدمة الثقافة والشباب أن تتحول إلى منصة لتوزيع الأموال على المقربين؟


 إذا لم يكن هذا هو الفساد بعينه، فما هو إذن؟


الكرة الآن في ملعب الجهات المختصة. فتح تحقيق شامل وشفاف لم يعد خيارًا بل ضرورة لإنقاذ ما تبقى من مصداقية هذه الوزارة. أما السكوت، فهو بمثابة توقيع على شهادة وفاة الثقة بين المواطن والدولة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال