أحيزون.. حين يتحول القبطان إلى عبء على السفينة



 عبد السلام أحيزون.. حين يتحول القبطان إلى عبء على السفينة

عبد السلام أحيزون، الاسم الذي ارتبط منذ عقود بشركة "اتصالات المغرب"، يثير اليوم سيلاً من التساؤلات والغضب، ليس فقط بسبب سوء التدبير الذي ظل يرافق فترة وجوده على رأس الشركة، بل أيضاً بسبب ملفات ساخنة لم تجد طريقها إلى الحل. هذا الرجل الذي حوّل الشركة إلى متاهة من الفضائح والمشاكل، يبدو وكأنه نسي أن لكل مرحلة نهاية، وأن السفينة تحتاج أحياناً إلى قبطان جديد لتجنب الغرق.

ماذا فعلتم بملايين الدراهم؟

أموال طائلة قُدرت بـ41 مليوناً و900 ألف درهم، تم الإفراج عنها من طرف وزارة الاقتصاد والمالية لفائدة المكتب الوطني للبريد والمواصلات، لكن يبدو أنها تبخرت كما يتبخر الماء في الصحراء. المبلغ الذي كان من المفترض أن يُخصص لتصفية الخصوم وتطهير الشركة العامة للبناء والمواصلات، انتهى في مجاهل التصفية الغامضة.

أحيزون، الرجل الذي كان يقود المجلس الإداري لشركة الاتصالات آنذاك، لم يكترث لتوصيات وزارة المالية، ولم يبالِ بمصير العاملين الذين كانوا ينتظرون تسوية مستحقاتهم. عوض ذلك، تم تفويت حصة الشركة الوطنية للاتصالات دون أي ضمانات قانونية أو مالية كافية، في صفقة أشبه بمسرحية هزلية.

ملفات خوصصة أم خوصصة الملفات؟

عملية تفويت الحصص التي تمت في يونيو 1997، كانت مثيرة للريبة بكل المقاييس. الوزير الوصي لم تتم استشارته، والمساطر القانونية المتعلقة بالخوصصة تم التعامل معها وكأنها مجرد حبر على ورق. والأنكى أن اجتماعات لاحقة للمجلس الإداري كانت أشبه بمحاولة تغطية الشمس بالغربال.

وفي الوقت الذي كان فيه العمال ينتظرون إنصافهم، اختار أحيزون أن يجدد صلاحية الخبير في الحسابات بشكل غريب خارج الإطار القانوني. كأن الأمر يتعلق بترسيخ ثقافة "دير ما بغيت، المهم نتي تبان مزيان".

أحيزون.. مفتاح الأزمة وليس الحل

بعد كل هذه السنوات، يبدو أن أحيزون أصبح أشبه بعائق أمام أي محاولة لإخراج "اتصالات المغرب" من مشاكلها. الرجل الذي تجاوز صلاحيته منذ زمن، لازال يرفض وضع المفاتيح على الطاولة، متشبثاً بموقعه وكأنه حارس إرث شخصي، لا قائد مؤسسة وطنية.

الشركة التي عانت من سوء تدبيره لازالت ترزح تحت وطأة ملفات عقارية لم تُحل، وأراضٍ استُغلت دون تسوية حقوق أصحابها. سنوات من التلاعب والتغاضي عن حقوق المواطنين جعلت اسم "اتصالات المغرب" مرادفاً للظلم في أعين كثيرين.

حين تسخر الكفاءة في خدمة المصالح

إذا كان هناك درس يُمكن استخلاصه من سنوات أحيزون في القيادة، فهو أن الكفاءة ليست فقط في إدارة الأرباح، بل أيضاً في احترام القوانين والحقوق. واليوم، إذا أرادت "اتصالات المغرب" أن تستعيد ثقة الناس، فلا بد من ضخ دماء جديدة في شرايينها، قادرة على إخراجها من مستنقع الفضائح.

عبد السلام أحيزون، حان الوقت لتتوقف عن إغلاق الباب على نفسك. افتحه واترك الفرصة لجيل جديد يعيد كتابة تاريخ الشركة. فالتاريخ لا يرحم، ومن يعتقد أن بإمكانه البقاء إلى الأبد، سرعان ما يكتشف أن الزمن لا ينتظر أحداً.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال