صدمة الأرقام.. إلى متى يستمر العنف ضد الفتيات؟
رغم كل ما يقال عن التقدم والمساواة، لا تزال آلاف الفتيات يعشن في دائرة لا تنتهي من العنف اليومي. المندوبية السامية للتخطيط كشفت عن معطيات صادمة تعري الواقع المرير، حيث يظهر أن الفتيات في سن الزهور يعانين بصمت، بينما تستمر الأرقام في رسم صورة قاتمة لمستقبل يُفترض أن يكون أكثر أمانًا.
عنف بلا حدود.. من المنزل إلى الشارع
المفترض أن يكون البيت ملاذًا آمنًا، لكنه في كثير من الأحيان يتحول إلى ساحة معركة يومية. العنف الأسري يظل من أكثر الأشكال انتشارًا، حيث تواجه الفتيات أشكالًا متعددة من العنف داخل محيطهن العائلي. ليس هذا فحسب، بل إن الأرقام تكشف عن وجود فوارق واضحة بين البيئات الحضرية والقروية، حيث تسجل المدن نسبًا أعلى، ما يطرح تساؤلات حول طبيعة الحياة في المجال الحضري وما إذا كانت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية تلعب دورًا في تفاقم الظاهرة.
التعليم.. عندما تتحول المدارس إلى ساحات للعنف
المؤسسات التعليمية ليست بمنأى عن هذه الآفة، فالعنف داخل المدارس والجامعات يأخذ أبعادًا مقلقة. فتيات كثيرات يجدن أنفسهن في مواجهة عنف متعدد الأشكال داخل فضاءات من المفترض أن تكون موطنًا للعلم والتربية. المؤسف أن الفتيات في القرى هن الأكثر تعرضًا لهذه الانتهاكات، ما يجعل فرصهن في التعليم والتطور أكثر هشاشة.
العنف النفسي.. الجرح الذي لا يندمل
إذا كان العنف الجسدي يترك كدمات على الجسد، فالعنف النفسي يترك ندوبًا لا تُمحى. العديد من الفتيات يعشن تحت وطأة الإهانات والتهديدات والإذلال المستمر، ما يؤثر على ثقتهن بأنفسهن وقدرتهن على بناء مستقبل أكثر استقرارًا. في مجتمع لا يزال يرى أن الصمت هو الحل، تعيش الفتيات في معاناة غير مرئية لا يتحدث عنها أحد.
كابوس العنف الجنسي.. جريمة بلا رادع
ما يثير القلق أكثر هو أن العنف الجنسي لم يعد حالة فردية أو استثنائية، بل أصبح واقعًا تعيشه الآلاف من الفتيات يوميًا. الصدمة تكمن في أن العديد من الحالات تتم داخل العلاقات العاطفية، حيث تجد الفتاة نفسها مجبرة على قبول أمور تتعارض مع إرادتها، خوفًا من ردة فعل الشريك. الأسوأ من ذلك أن بعضهن يتعرضن للإجبار في صمت، دون أن يجدن من يحميهن أو يدافع عن حقوقهن.
العنف الإلكتروني.. الوجه الجديد للانتهاكات
مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ظهر نوع جديد من العنف يطارد الفتيات حتى في المساحات التي يُفترض أن تكون أكثر أمانًا. التحرش والابتزاز والتنمر الإلكتروني أصبح واقعًا يهدد حياة الكثيرات، في ظل غياب قوانين رادعة تحمي الضحايا وتضمن محاسبة الجناة.
بين الأرقام والواقع.. متى ينتهي هذا الكابوس؟
ورغم كل هذه الإحصائيات القاتمة، لا تزال الحلول غير كافية لمواجهة الظاهرة. صحيح أن بعض أشكال العنف شهدت انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالسنوات الماضية، إلا أن العنف الجنسي وغيره من الانتهاكات لا يزال في ارتفاع، ما يستدعي تدخلًا أكثر صرامة من الجهات المسؤولة.
المعركة ضد العنف ليست مسؤولية القوانين وحدها، بل تتطلب وعيًا مجتمعيًا واسعًا، حيث لا يمكن الاكتفاء بالشعارات، بل يجب خلق بيئة آمنة تحترم حقوق الفتيات وتضمن لهن حياة كريمة بعيدًا عن الخوف والانتهاكات المستمرة.