ابتهال أبو السعد.. المهندسة التي قالت لا لمايكروسوفت فخسرت منصبها وربحت ضميرها



ابتهال أبو السعد.. صوت مغربي حر يعلو في وجه العملاق التكنولوجي

لم تكن المهندسة المغربية ابتهال أبو السعد مجرد موظفة ضمن آلاف العاملين في شركة مايكروسوفت العالمية. كانت صوتًا حرًا حمل همًّا إنسانيًا يتجاوز الأرقام والتقنيات وخوارزميات الذكاء الاصطناعي. صوتًا قرر أن يقول لا، حين اختار الجميع الصمت.

في الذكرى الخمسين لتأسيس الشركة، وبينما كان العالم يصفق لإنجازات مايكروسوفت، اختارت ابتهال أن تقف على خشبة الحدث لتوجه انتقادًا صريحًا ومباشرًا لسياسات الشركة، احتجاجًا على دعمها التقني لإسرائيل، وتزويدها بأنظمة ذكاء اصطناعي تُستخدم ـ بحسب ما عبّرت عنه ـ في قمع الأبرياء وارتكاب المجازر في قطاع غزة.

قرار الفصل.. وردود فعل غاضبة

لم تمرّ كلمات ابتهال مرور الكرام. فالشركة، التي لم تعتد من موظفيها إلا الانضباط الكامل، لم تتردد في إصدار قرار فصلها، معتبرةً ما قامت به خرقًا لقواعدها. القرار، الذي نشرته شبكة CNBC، سرعان ما انتشر كالنار في الهشيم، وأثار موجة تضامن واسعة مع المهندسة المغربية، سواء داخل المغرب أو خارجه.

منصات التواصل الاجتماعي امتلأت برسائل الدعم، وعبارات الفخر، وأوسمة الشكر لامرأة اختارت أن تخسر عملها لا أن تخسر قيمها. وكتب أحد النشطاء "الفصل أحسن من العار"، في تعبير صادق عن الإحساس العام بأن ما قامت به ابتهال هو خطوة شجاعة لا تصدر إلا عن أصحاب المواقف الصلبة والضمائر الحية.

امرأة عادية.. بصوت استثنائي

لم تكن ابتهال نجمة سابقة في الإعلام، ولا ناشطة معروفة على السوشيال ميديا. كانت ببساطة مهندسة مغربية شابة، تؤمن بأن العلم لا يجب أن يُستغل لإزهاق الأرواح. وقفت، وسط الاحتفال، لتقول كفى. لا للربح من دم الأبرياء. لا للتقنيات التي تصنع الخراب بدل أن تبني مستقبلًا أفضل.

خطوتها لم تكن مجرد موقف مهني، بل تحوّلت إلى لحظة إنسانية عميقة تطرح سؤالًا كبيرًا على العالم: هل الصمت هو الثمن الذي ندفعه مقابل العمل؟ وهل الولاء للشركة أهم من الولاء للمبادئ؟

رسالة يتردد صداها

ابتهال اليوم ليست فقط مهندسة تم فصلها. إنها قصة تلهم كل من يشعر بالعجز. إنها رسالة تقول إن الكلمة الصادقة أقوى من أي وظيفة، وإن الضمير الحي قادر على هزّ أكبر المؤسسات، حتى لو كانت تملك التكنولوجيا والسلاح والسلطة.

ربما خسرت ابتهال عملها، لكنها ربحت احترامًا لا يُشترى، وقلوبًا لا تُعد. رفعت اسم المغرب في لحظة عزّ فيها الشرف، وذكّرت العالم أن بعض الأصوات، وإن كانت وحيدة، قادرة على أن تصنع فرقًا.



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال