زلزال تأديبي يهز أمن سلا… ومفتشية الأمن تفتح الملفات المغلقة
لم يكن نهاية الأسبوع عادياً داخل أسوار الأمن الإقليمي بسلا. المدينة، التي غالباً ما تكون واجهة الحدث، تحولت إلى مسرح لعقوبات تأديبية قاسية، أطاحت بعشرين رجل أمن دفعة واحدة، بعد زيارة تفتيشية دامت قرابة عشرين يوماً، قامت بها المفتشية العامة للأمن الوطني.
العقوبات جاءت بتوقيع مباشر من المديرية العامة، وتوزعت ما بين التوقيف المؤقت عن العمل، والتوبيخ، والإنذار، والتنبيه، في سابقة حركت المياه الراكدة في أكثر من وحدة أمنية داخل المدينة.
سدود أمنية قريبة.. وسلوكيات بعيدة عن المهنية
التحقيقات كشفت ما لم يكن ظاهراً للعيان. فرق المرور والهيأة الحضرية بدت في واجهة العاصفة، حيث رصدت لجنة المفتشية "سدوداً إدارية" منصوبة على مسافات قصيرة جداً من بعضها البعض، في مشهد يثير الاستغراب أكثر مما يبعث على الطمأنينة.
لكن الأمر لم يتوقف هنا، فبعض أفراد هذه الفرق الأمنية وقعوا في المحظور، حيث لاحت في الأفق شبهات قوية عن ارتشاء أو محاولة ارتشاء خلال أداء المهام. الضباط الذين كلفوا بالمراقبة الميدانية نزلوا بأنفسهم إلى الشوارع، راقبوا، دققوا، ودوّنوا ما عاينوه من اختلالات، قبل أن يُرفع التقرير المفصل للمدير العام، الذي لم يتردد في تفعيل العقوبات.
التوقيف.. والوجه الآخر من العقوبة
من بين المتضررين من الزلزال التأديبي، عناصر من فرق الدراجين الذين طالتهم عقوبة التوقيف عن العمل، في حين تم نقل عدد من عناصر الهيأة الحضرية وفرق المرور إلى مهام أخرى في مجموعات الحفاظ على النظام العام بالطريق الساحلي للرباط.
وفي الكواليس، هناك من يتحدث عن أن هذه العقوبات لن تمر مرور الكرام في المسار المهني لهؤلاء الأمنيين، إذ أن التوبيخ، مثلاً، قد يُغلق أمامهم أبواب الترقية لسنوات، فيما يُنتظر أن يمثل الموقوفون أمام المجلس التأديبي لاتخاذ القرار النهائي في مصيرهم المهني.
سلا تحت المجهر.. ومنطق لا أحد فوق المحاسبة
الرسالة من وراء هذه الخطوة واضحة: لا أحد فوق المساءلة، حتى لو تعلق الأمر برجال الأمن أنفسهم. مدينة مثل سلا، ذات الكثافة السكانية الكبيرة والتحديات الأمنية المعقدة، تحتاج إلى جهاز أمني منضبط، لا تهاون فيه ولا تسيّب.
المفتشية العامة فتحت الملفات القديمة والجديدة، راجعت الوثائق، وخرجت إلى الميدان، لترى بأمّ عينيها ما يجري فعلاً، لا ما يُكتب في التقارير. والنتيجة كانت قرارات تأديبية صارمة، قد تكون بداية لنهج جديد في تدبير المرفق الأمني، عنوانه: الانضباط أو الحساب.