فيصل العرايشي: حاكم الإعلام الذي لا يعرف التجديد
ما الذي يعلمه فيصل العرايشي عن الإعلام؟ هل يعلم حقاً أن التغيير والتجديد في القطاع الذي يقوده يعني إعادة التفكير في كل شيء من القواعد إلى المحتوى؟
يبدو أن السيد العرايشي الذي قاد التلفزيون الرسمي المغربي لأكثر من ربع قرن لم يستوعب بعد أنه كان من المفترض أن يكون جزءًا من الإصلاح لا عقبة في وجهه.
هو ببساطة أصبح جزءًا من "النسيان" الذي يعيشه الإعلام المغربي.
متى نُفكر في التغيير؟
أكثر من عشرين سنة قضتها إدارة العرايشي في قيادة الإعلام الوطني، وكل ما أنجزه كان مجرد استنساخ لتفاهات لا تسمن ولا تغني من جوع. التلفزيون الرسمي أصبح مجرد آلة لتكرار نفس الوجوه، نفس البرامج، نفس القصص التي لا تعكس أبداً تطلعات المغاربة. قد يقول البعض "أين هي التحديثات؟"
والجواب المؤلم هنا هو أن العرايشي لا يعرف أصلاً ماذا يعني "التحديث" أو "التغيير". التلفزيون الرسمي لم يعد وسيلة للمعرفة أو الترفيه، بل أصبح مجرد وسيلة للبث الممل الذي لا يحرك مشاعر الناس ولا يحفزهم.
التلفزيون المغربي: قطاع يعاني من مرض مزمن
إنه أمر مؤسف أن نقول هذا، ولكن التلفزيون المغربي يعاني من مرض مزمن، والدواء الوحيد هو الإصلاح الجذري.
لكن العرايشي، الذي أصبح اسمه مرتبطاً بكل شيء سيء في هذا القطاع، لا يبدو أنه معني بما يحدث.
ماذا كانت النتيجة بعد كل هذه السنوات؟ برامج مكررة، هياكل إعلامية قديمة، وفوضى في البث.
نحن نتحدث عن بلد كبير مثل المغرب، يواجه تحديات متعددة، بينما التلفزيون الرسمي لا يقدم سوى صورة مشوهة عنه.
التفاهة تسيطر على كل شيء
هل هناك ما هو أسوأ من أن يصبح التلفزيون المغربي رمزًا للتفاهة؟
الإعلام الرسمي تحت قيادة العرايشي أصبح ميدانا خصبًا لصناع التفاهة، وصار هو نفسه أحد أكبر مروجى الفقر الإعلامي. ما الذي أضافه العرايشي خلال هذه السنوات؟ هل قدم لنا برامج ثقافية، تعليمية، أو حتى ترفيهية يمكن أن ترفع من مستوى الذوق العام؟ لا شيء سوى المزيد من التفاهات و"المنتجات التلفزيونية" التي لا تعكس أي قيمة حقيقية.
غزو شركات الإنتاج: هل هي النهاية؟
هل تدركون أن هناك خمس أو ست شركات فقط تسيطر على معظم الإنتاجات التلفزيونية في المغرب؟
العرايشي سمح لهذه الشركات بتوسيع سيطرتها على المحتوى الوطني بشكل شبه كامل. وفي النهاية، أصبحت هذه الشركات أداة لملء جيوب أصحابها، بينما يواصل التلفزيون الرسمي البث على أنه ليس مسؤولاً عن تقديم محتوى يتماشى مع مصالح المواطنين. فإذا كانت القنوات الوطنية هي القناة الوحيدة التي يحصل عليها الجميع، فكيف لها أن تظل محط اهتمام إذا كانت لا تواكب حتى الحد الأدنى من التطلعات؟
التغيير: الوهم الذي لا يزال يعشعش في ذهن العرايشي
ربما فكر العرايشي في الإصلاح يومًا ما، لكن يبدو أنه نسي هذا التفكير منذ زمن بعيد. هل يُعقل أن يستمر نفس الأشخاص في مناصبهم دون تغيير حقيقي؟
كيف لدولة كالمغرب أن تطور إعلامها إذا كان القائمون عليه لا يملكون رؤية جديدة؟
الإعلام ليس مجرد أدوات للترفيه، إنه أداة مهمة في تشكيل رأي المواطن، وفي تسليط الضوء على القضايا الوطنية الهامة، لكن العرايشي يبدو أنه اكتفى بالاستمرار في تقديم نفس الوجوه، نفس البرامج، والتأقلم مع الوضع كما هو.
نهاية الإعلام العمومي: هل هناك من عودة؟
اليوم، أصبحت القنوات الرسمية جزءًا من الذكريات المفقودة، وأصبح سؤالنا الأهم: هل يمكن لهذا الإعلام الذي يسيطر عليه العرايشي أن يعود إلى رشدِه؟
التلفزيون الذي كان في يوم من الأيام منبرًا رئيسيًا للإعلام الوطني أصبح اليوم مجرد آلة لبث الفراغ.
كأننا نعيش في زمن موازٍ حيث كل شيء يسير بشكل طبيعي، بينما نحن نغرق في واقع مؤلم.
أين نحن من الإعلام الحقيقي الذي يعكس هموم المواطن؟ أين تلك الأيام التي كانت فيها البرامج تجمعنا بدل أن تفرقنا؟
في النهاية، يمكن القول إن العرايشي أصبح شخصًا يمثل كل ما هو خاطئ في الإعلام المغربي. هو ليس مجرد مدير، بل أصبح رمزًا لفشل الإعلام العمومي. ونحن اليوم في حاجة إلى إصلاح حقيقي، إلى إعلام يخدم مصالح الشعب ويعكس تطلعاته. لكن طالما ظل العرايشي في مكانه، فسيظل الإعلام المغربي مجرد صدى لما هو فاشل.