حتى القهوة دخلات طابور الغلاء.. واش مزال شي فرحة فهاذ البلاد؟

 


في بلاد يُشرب فيها الحزن مع كل رشفة، قررت شركات القهوة أن تزيد الطين بلّة وتغلي الفنجان أكثر مما هو مغلي. الزيادة ما جاتش من وراء موجة غلاء عالمية ولا بسبب أزمة توريد حارقة، جات بكل بساطة بعد العيد، وكأنها "هدية العيد المؤجلة" للمستهلك المغربي المغلوب على أمره.

القصة ما فيها لا ارتفاع دولي ولا قلة إنتاج، السوق العالمية للقهوة مستقرة، والأسعار الخارجية ساكنة ما تحركت.


 لكن شركات التوزيع عندنا ما شافت في الاستقرار إلا فرصة لتمرير زيادة بلا صداع راس، مستغلة سُبات الجهات الرقابية، وسكون مجلس المنافسة اللي باين مازال كيدوّر في نتائج تحرياته من العام اللي فات.

الزيادة فاقت كل التوقعات، قفزت بثمن القهوة بنسب مهولة، بحال اللي كيشرب قهوة مستوردة من كوكب زحل. والمشكل ماشي فالثمن فقط، بل في التوقيت والطريقة، شركات كتنتظر اللحظة اللي يكون فيها المواطن "ما شاد لا شمال لا جنوب" وكتطبّق الزيادة بكل برود.

واللي زاد سخط الناس، هو هذا الاستهتار التام برأي المستهلك، بحاله مجرد رقم فحسابات الربح. لا إخبار مسبق، لا تفسير، لا حشمة لا حياء. شركات كتتصرّف كأنها فوق القانون، وكأن القهوة صارت مادة محرّمة على الطبقة المتوسطة والفقيرة.

الناس ما بقاتش كتسول شحال زاد الثمن، ولا شحال نقص الكيس، الناس بدات كتفكر واش القهوة بقات فعلا تستاهل تكون طقس صباحي ولا مجرد رفاهية فاشلة. بدينا نشوف اللي كيتنازل على الفطور فقط باش يبقى محافظ على "لحظة القهوة" ديالو. شي كيقلل من عدد الكؤوس فاليوم، وشي كيحول لمنتجات أقل جودة، وشي دخل في مرحلة المقاطعة النفسية.

فين هو مجلس المنافسة؟

 فين هي جمعيات حماية المستهلك؟ 

فين هي الرقابة؟

 كلشي ساكت، وكأن اللي واقع لا يعني أحد. بحال اللي القهوة مشي مادة أساسية. ونسينا أن المغاربة شعب القهوة بامتياز، ما كتبدأش نهارهم حتى يشربوها، وهادي راه ثقافة يومية، ماشي مجرد مشروب.

الزيادات فالقهوة ماشي غير قرار اقتصادي، بل هي صفعة رمزية، بحال اللي كتقولك: حتى القهوة، هاد اللحظة الصغيرة ديال الراحة، ما بقاتش من حقك. هي إعلان عن مرحلة جديدة، مرحلة فيها حتى أبسط المتع ما بقاتش مضمونة.

لكن الرسالة وصلت. والمغاربة واعين، والغضب كيغلي فالكؤوس قبل الماء. وربما فنجان القهوة اللي جا بعد العيد، يكون هو آخر قطرة فالكأس.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال