هل هدأت العاصفة بين النقابات ووزارة الصحة؟
بعد توالي البلاغات الغاضبة والمواقف المتشددة التي صدرت عن التنسيق النقابي الوطني لقطاع الصحة، شهدت الساحة أخيرًا تحولًا مفاجئًا بعد أن عقد وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، لقاءً وُصف بالإيجابي، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان هذا اللقاء بداية لمرحلة جديدة أم مجرد هدنة مؤقتة قبل جولة أخرى من التوتر
غضب في الأفق.. فهل جاء اللقاء في الوقت المناسب؟
طيلة الفترة الماضية، لم يكن صوت النقابات إلا مرتفعًا، مطالبٌ معلقة، واحتجاجات لا تتوقف، وسخط على طريقة تدبير الملفات العالقة، لكن فجأة جاء اللقاء الذي جمع الوزير بقيادات التنسيق النقابي ليبعث برسائل مختلفة. مصدر نقابي أكد أن اللقاء لم يكن كسابقيه، بل حمل إشارات إيجابية توحي بأن الوزارة مستعدة لتقديم خطوات ملموسة على أرض الواقع، خصوصًا في ما يتعلق بتنزيل وأجرأة مضامين اتفاق يوليوز الذي وقع بين الطرفين. السؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل نحن أمام انفراج حقيقي أم مجرد تهدئة مرحلية إلى حين؟
ماذا قدم الوزير؟
اللقاء لم يكن بروتوكوليًا، الوزير جاء ومعه مستجدات بخصوص النقاط المتفق عليها سابقًا، قدم عرضًا مفصلًا حول ما تم إنجازه حتى الآن، وهو العرض الذي لاقى تفاعلًا من الكتاب الوطنيين للنقابات. لكن التفاعل وحده لا يعني القبول، فالنقابات وإن أبدت بعض الليونة، لا تزال تنتظر ترجمة الالتزامات إلى قرارات رسمية تُحسِّن أوضاع العاملين في القطاع، الذين ظلوا لسنوات يعانون من ظروف عمل قاسية ومطالب عالقة لم تجد طريقها للحل
نصف الكأس الممتلئ.. لكن ماذا عن النصف الفارغ؟
الإيجابية التي سادت أجواء اللقاء لا تعني أن كل شيء أصبح ورديًا، فالنقابات تدرك أن التجارب السابقة علمتها ألا تثق بسهولة في أي وعود شفوية، لذلك فإن الحكم على هذا الاجتماع سيظل مؤجلًا إلى حين اتضاح الرؤية أكثر. هل ستلتزم الوزارة بكل ما وعدت به؟ هل سيتم تفعيل بنود الاتفاق بشكل يرضي مهنيي القطاع؟ أم أن اللقاء سيظل مجرد خطوة في مسار طويل من الأخذ والرد دون نتائج ملموسة؟
يبقى القطاع الصحي في المغرب أمام تحديات كبيرة، وأي تقارب بين الوزارة والنقابات لا يمكن أن يكون إلا في صالح العاملين والمرضى على حد سواء. لكن ما يهم اليوم ليس فقط التصريحات، بل الإجراءات الفعلية التي ستؤكد إن كان هذا الاجتماع خطوة نحو الحل أم مجرد استراحة قبل جولة جديدة من الاحتقان