التقدم والاشتراكية يضع وزير الشباب والثقافة والتواصل أمام مساءلة سياسية حول استغلال الإمكانيات العمومية في دعاية انتخابوية
في خطوة تفتح نقاشًا واسعًا حول مدى التزام الإعلام العمومي بمبادئ الحياد والتعددية، وجه حزب التقدم والاشتراكية سؤالًا كتابيًا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، حول حيثيات إنتاج وبث فيديو ترويجي على القناة الثانية، تحت عنوان "إنجازات حكومية كبيرة تم إنجازها من أجل الوصول للمغرب الذي نريده سنة 2030 وما زال طموحنا أكبر". الفيديو، الذي أثار جدلًا سياسيًا واسعًا، يتضمن خلطًا متعمدًا بين ما هو وطني وما هو حكومي، حيث يوظف إنجاز المنتخب الوطني في مونديال 2022 كمدخل للحديث عن ما تصفه الحكومة بـ"المنجزات الكبرى"، في محاولة لربط الأداء الرياضي بالسياسات العمومية
اتهامات بالتوظيف السياسوي للإعلام العمومي
التقدم والاشتراكية اعتبر أن الفيديو يتجاوز كونه مادة إعلامية عادية ليأخذ طابعًا ترويجيًا أقرب إلى الدعاية الانتخابوية، إذ يروج لإنجازات حكومية محل خلاف بين الأغلبية والمعارضة، دون ترك أي مساحة للنقاش أو التعددية في الطرح. كما أن استغلال رموز وطنية مثل شعار المملكة يضفي على الفيديو طابعًا رسميًا، رغم أنه يحمل رسائل سياسية واضحة تصب في اتجاه الترويج لاستمرارية الحكومة الحالية لما بعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. الحزب تساءل عن مدى احترام هذه المادة الإعلامية لمقتضيات القانون 77.03 المتعلق بالاتصال السمعي البصري، والذي يمنع الإشهار غير المعلن ذي الطابع السياسي، ويُلزم القنوات العمومية بالحفاظ على التعددية والحياد
أسئلة حارقة حول التمويل والتدبير
أبعد من مضمون الفيديو، يطرح الحزب تساؤلات جوهرية حول الجوانب المالية والإدارية لهذا العمل السمعي البصري. هل تم تمويله من المال العام؟ وإن كان الأمر كذلك، فما هي المبالغ التي خُصصت له؟ وما هي الجهات التي أشرفت على إنتاجه وتسويقه؟ وهل تم احترام المعايير القانونية في التعاقد على إنتاجه؟ أم أن العملية تمت في سياق استغلال النفوذ السياسي داخل المؤسسات الإعلامية العمومية؟ أسئلة تعكس مخاوف حقيقية من أن يكون الإعلام العمومي قد تحول إلى أداة في يد الحكومة، تُوظف إمكانياته لخدمة أجندات حزبية على حساب مبدأ التنافس السياسي النزيه
الإعلام العمومي.. حياد مفقود أم انحراف ممنهج؟
المساءلة التي وجهها حزب التقدم والاشتراكية ليست مجرد انتقاد عابر، بل تعكس إشكالية أكبر تتعلق بوضعية الإعلام العمومي في المغرب. فالقنوات الرسمية يُفترض أن تكون فضاءً محايدًا لنقل المعلومة، وليس منصات للترويج لطرف سياسي دون آخر. وإذا كان هذا الفيديو مجرد نموذج، فإن السؤال الأعمق هو: إلى أي مدى يتم احترام معايير الشفافية والحياد داخل المؤسسات الإعلامية العمومية؟ وهل نحن أمام سابقة أم أن هذا الفيديو يكشف فقط عن جزء من واقع أكبر يتطلب تصحيحًا عاجلًا؟
يبقى الرهان اليوم على مدى تجاوب الوزارة مع هذه الأسئلة، وما إذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لضبط الإعلام العمومي وفق ما يقتضيه الدستور والقانون، أم أن الأمور ستُترك دون مساءلة، لتتحول هذه السابقة إلى قاعدة في المشهد الإعلامي والسياسي المغربي