إفطار سياسي بطعم الخلافات.. هل بدأ "الميزان" يهتز داخل الأغلبية؟
يبدو أن عزيز أخنوش استشعر حرارة الأجواء داخل حكومته، فقرر اللجوء إلى الطريقة المغربية الأصيلة لتلطيف الأجواء. إفطار رمضاني على شرف فاطمة الزهراء المنصوري ونزار البركة، في محاولة لاحتواء التوترات وإبقاء التحالف متماسكًا ولو ظاهريًا. لكن يبدو أن حرارة الأطباق لم تنجح في إذابة الجليد السياسي، لأن زعيم حزب الاستقلال خرج بعدها ليؤكد أن الودّ الذي جرى على المائدة لم ينعكس على المواقف السياسية.
هل انتهت صلاحية "الوصفة الرمضانية"؟
لطالما كان رمضان شهر اللقاءات السياسية غير الرسمية، حيث يحاول القادة السياسيون تصفية الأجواء بعيدًا عن قاعات الاجتماعات الرسمية. لكن يبدو أن إفطار أخنوش هذه المرة لم يحقق الهدف المرجو منه. البركة، الذي شارك في الوليمة، لم يتأخر في توجيه رسالة واضحة، عندما بارك موقف المحامين الاستقلاليين ضد مسودة القانون الجنائي التي طرحتها الحكومة. فهل كان الرجل يجامل رئيس الحكومة على المائدة فقط ليطلق بعد ساعات سهام النقد على خياراته التشريعية؟ أم أن حزب الاستقلال بات مقتنعًا أن السفينة تسير في اتجاه غير الذي تم الاتفاق عليه عند تشكيل الأغلبية؟
حكومة تأكل نفسها من الداخل
ليس سرًا أن الأغلبية الحكومية الحالية لم تكن تحالفًا طبيعيًا. فحزب الاستقلال، الذي يحمل مرجعية اجتماعية واقتصادية مختلفة، لطالما بدا وكأنه مجرد ضيف ثقيل داخل هذا الائتلاف. ومع كل محطة سياسية ساخنة، تزداد المسافة بينه وبين رفاقه في الحكومة. اليوم، ومع تزايد الضغط الشعبي وانتقاد العديد من السياسات، يبدو أن البركة بدأ في البحث عن مخارج تحفظ ماء الوجه قبل أن يحل موعد الانتخابات القادمة. فهل يكون هذا التباعد مقدمة للطلاق السياسي؟ أم أن "الميزان" لا يزال مترددًا بين البقاء والمغادرة؟
"البام" يراقب بصمت.. أم يخطط لشيء آخر؟
في زاوية أخرى من المشهد، يظل حزب الأصالة والمعاصرة حاضرًا لكنه أكثر براغماتية. المنصوري جلست إلى الطاولة، استمعت، تناولت إفطارها، لكنها لم تصدر مواقف تصعيدية كما فعل البركة. فهل يعني هذا أن "البام" مرتاح داخل الحكومة، أم أن صمته هو مجرد انتظار للحظة المناسبة؟ هذا الحزب، الذي لطالما لعب أدوارًا تكتيكية، يدرك أن أي اضطراب داخل الحكومة قد يفتح الباب أمام ترتيبات جديدة، وربما إعادة توزيع الأوراق السياسية داخل الأغلبية.
هل نشهد انشقاقًا قبل نهاية الولاية؟
التجربة السياسية في المغرب علمتنا أن التحالفات لا تبقى على حالها حتى نهاية الولاية. والأحداث الأخيرة تطرح سؤالًا جوهريًا: هل يتجه حزب الاستقلال إلى فك ارتباطه بالحكومة، أم أن كل ما يحدث مجرد مناورات لانتزاع مزيد من المكاسب داخل التحالف؟ في كلتا الحالتين، الواضح أن الإفطار الرمضاني الذي كان يُراد له أن يكون جلسة مصالحة، خرج منه الجميع وهم أكثر وعيًا بأن التوترات داخل الأغلبية لم تعد مجرد همسات في الكواليس، بل صارت حقيقة واضحة على الطاولة.