العلمي يتكلم.. والمغاربة يسمعون ويتحسرون
يبدو أن راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، لم يتعلم بعد أن بعض الكلمات أخطر من ألغام السياسة نفسها. الرجل يتحدث وكأنه يملك الحقيقة المطلقة، يرمي التصريحات يمنة ويسرة، دون اكتراث للنتائج. اليوم، وخلال استضافته في ندوة مؤسسة الفقيه التطواني، خرج ليحدثنا عن قضية النائبة ريم شباط وكأنه يدير البلاد بمفرده.
متحدث رسمي أم رئيس حكومة في الظل؟
نحن نعرف أن الطالبي العلمي رئيس مجلس النواب، ولكن عندما تسمعه يتحدث، تشعر وكأنه الناطق الرسمي باسم الحكومة، أو ربما رئيسها الفعلي. الرجل يدافع عن قرارات حكومية أثارت الجدل، وكأنه هو صاحبها، ويهاجم معارضيه بجرأة منقطعة النظير. فما دخله في قرارات الحكومة؟ ولماذا يتقمص أدوارًا ليست من اختصاصه؟ إن كان يرى نفسه أحق بتلك المناصب، فليترشح لرئاسة الحكومة بدل لعب دور الدرع البشري لحزبه.
أطلقوا لنا تحقيقًا بدل إطلاق الوعود الفارغة
الطالبي العلمي تحدث عن ضرورة احترام الضوابط الدستورية، وهو أمر جيد نظريًا، لكن عندما يأتي الحديث من شخص طالما أطلق تصريحات مثيرة للجدل، فإن المسألة تصبح مضحكة. هذا الرجل سبق أن قال ذات يوم: "إذا لم نصرف لكل أسرة فقيرة 2500 درهم، فاضربونا بالحجر".. حسنًا، مرت السنوات ولم يُضرب أحد بالحجر، لكن الفقراء لم يروا تلك الدراهم أيضًا. كيف نصدق وعودًا جديدة من شخص يطلق الكلام دون رقيب؟
المال العام يضيع.. والنتائج صفرية
المغاربة رأوا كيف صُرفت الملايير لدعم مستوردين دون أن تنخفض الأسعار. الدولة وزعت الأموال، لكن الجيوب التي امتلأت لم تكن جيوب المواطنين. فهل يعقل أن تُعفى فئة معينة من الضرائب ولا يستفيد المواطن العادي من أي انخفاض في الأسعار؟ الطالبي العلمي يروج للقرارات وكأنها إنجاز تاريخي، بينما الحقيقة أن المغاربة باتوا يفكرون في التضحية بعيد الأضحى نفسه، بعدما صار لحم الأضاحي أقرب إلى الأحلام.
الخطاب الاستباقي قبل الانتخابات.. الحيلة القديمة
من الواضح أن كل هذا الدفاع المستميت ليس إلا تمهيدًا للانتخابات القادمة. فبينما يحاول السياسيون الآخرون النأي بأنفسهم عن الفضائح، يخرج العلمي ليحمل راية الدفاع عن قرارات لم يطلب منه أحد الدفاع عنها. لكن المغاربة لم يعودوا سُذّجًا، وهم يدركون جيدًا أن الخطابات التي تسبق الانتخابات لا تسمن ولا تغني من جوع. فالمواطن البسيط لم يعد يثق في وعود السياسيين، خاصة عندما تأتي من أشخاص تعودوا على إطلاق الكلام دون حساب.
هل يريد أن يكون كل شيء في نفس الوقت؟
الطالبي العلمي يريد أن يكون رئيس مجلس النواب، ووزيرًا، وناطقًا رسميًا، ومحاميًا عن الحكومة، وربما أيضًا خبيرًا اقتصاديًا. لكن المشكل أن كل هذه الأدوار لا تمنحه أي مصداقية إضافية، بل تجعله يظهر كمن يحاول إرضاء الجميع في نفس الوقت. المغاربة يحتاجون إلى سياسيين يقولون الحقيقة، وليس إلى أشخاص يتحدثون بلغة التبرير والترويج السياسي.
في النهاية، الخطابات قد تُنسي الناس لبعض الوقت، لكن الواقع أقوى من الكلمات. والمغاربة ليسوا في حاجة لمن يبيعهم الأوهام، بل لمن يواجههم بالحقيقة، مهما كانت مُرَّة.
