سيارات الأجرة في مهب الريح... هل يصلح الإجراء الجديد ما أفسدته الفوضى؟

 


سيارات الأجرة في مهب الريح... هل يصلح الإجراء الجديد ما أفسدته الفوضى؟

وسط زحمة الحياة اليومية وصخب الشوارع المغربية، يلوح في الأفق خطر جديد يهدد استمرارية واحد من أهم القطاعات التي يعتمد عليها المواطنون يوميًا. سيارات الأجرة، بصنفيها الكبير والصغير، تقف اليوم أمام مفترق طرق بسبب إجراء جديد فرضته السلطات، يلزم مستغلي هذه المركبات بالإدلاء بشهادة حياة أصحاب المأذونيات قبل نهاية الشهر الحالي. القرار، وإن كان يهدف إلى تنظيم القطاع، أثار حالة من الارتباك والقلق بين المستغلين الذين وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة المجهول.

مأذونيات الموتى... أزمة متوارثة تنفجر في لحظة

لم يكن جديدًا أن هناك سيارات أجرة تشتغل بمأذونيات تعود ملكيتها إلى أشخاص متوفين، بل إن الأمر أصبح شبه "عرف" داخل القطاع. لكن المفارقة أن هذه الوضعية استمرت لعقود دون أي تدخل حاسم. والآن، مع الإجراء الجديد، يجد مستغلو مأذونيات الموتى أنفسهم أمام جدار صلب، حيث لا مجال لتبرير استمرار استغلالهم لهذه التراخيص. المشهد أقرب إلى لعبة شد الحبل بين ماضٍ يرسخ الفوضى وحاضر يطالب بالنظام، دون أن تُطرح حلول واقعية تسهل الانتقال من وضع إلى آخر.

بين التنظيم والفوضى... من يدفع الثمن؟

الهدف الظاهر من الإجراء الجديد هو تنظيم القطاع ووضع حد لاستغلال مأذونيات الموتى، وهو هدف يبدو على الورق منطقيًا بل ومطلوبًا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف ستُنفذ هذه القرارات دون أن تتحول إلى أزمة حقيقية؟ سيارات الأجرة ليست فقط وسيلة نقل بل هي مصدر رزق لآلاف العائلات التي تعيش على هامش هذا القطاع. مع تطبيق القرار دون تقديم بدائل واضحة، يجد السائقون أنفسهم أمام مصير مجهول، وقد تصبح الأزمة أعمق من مجرد إجراء إداري.

الحاجة إلى إصلاح عميق بدل الحلول السطحية

ما يحدث اليوم يعكس بشكل واضح أن قطاع النقل عبر سيارات الأجرة يحتاج إلى إصلاح شامل، وليس فقط إجراءات متفرقة. القطاع يعيش منذ سنوات حالة من الفوضى الناتجة عن غياب رؤية تنظيمية متماسكة. بين مأذونيات تُمنح كريع لأشخاص دون استحقاق، ومستغلين يعملون في ظروف غير مستقرة، يصبح من الضروري إعادة النظر في النظام بأكمله. لكن هذا الإصلاح يجب أن يكون مبنيًا على إشراك جميع الأطراف المعنية، من مستغلين وسائقين ومواطنين، حتى لا يتحول إلى مجرد إجراء شكلي يفاقم الأوضاع بدل تحسينها.

بين القلق والتفاؤل... هل يمكن أن يكون القرار بداية جديدة؟

رغم كل الانتقادات التي طالت الإجراء الجديد، يمكن النظر إليه كخطوة أولى نحو تنظيم قطاع يعاني منذ زمن. لكن نجاح هذه الخطوة يتطلب إرادة سياسية واضحة ورؤية بعيدة المدى تأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي والاقتصادي للعاملين في القطاع. يجب أن يكون الهدف هو خلق نظام عادل وشفاف يمكن من خلاله توفير خدمات نقل جيدة للمواطنين مع ضمان كرامة السائقين واستقرارهم المهني.

الارتباك الحالي... فرصة للتغيير أم بداية لأزمة جديدة؟

مع قرب انتهاء المهلة المحددة لتقديم شهادات الحياة، يعيش القطاع حالة من الترقب. البعض يرى في القرار فرصة لتصحيح الوضع وإعادة النظام، بينما يعتبره آخرون بداية لمشاكل أكبر إذا لم يتم التعامل معه بحكمة. الحقيقة أن القطاع يقف اليوم أمام لحظة حاسمة، فإما أن يتحول القرار إلى فرصة للتغيير نحو الأفضل، أو يكون شرارة لأزمة جديدة تزيد من تعقيد المشهد.

في النهاية، يبقى السؤال مطروحًا: هل ستنجح السلطات في تطبيق القرار بطريقة تحترم حقوق الجميع وتراعي التوازنات الاجتماعية، أم أننا سنشهد مرحلة أخرى من التخبط والارتجالية؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة، لكن المؤكد أن قطاع سيارات الأجرة لم يعد يحتمل المزيد من الفوضى أو القرارات غير المدروسة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال