هل أصبح إلغاء الصفقات العمومية "قاعدة" جديدة في حكومة تضارب المصالح؟



هل أصبح إلغاء الصفقات العمومية "قاعدة" جديدة في حكومة تضارب المصالح؟

في سابقة مثيرة للجدل، خرج وزير الصحة خلال جلسة برلمانية ليعترف، بكل "جرأة"، بأنه ألغى صفقات عمومية تجاوزت كل مراحلها القانونية دون أي تعليل واضح. هذا التصريح فتح باب التساؤلات على مصراعيه حول الكيفية التي تُدار بها الأمور داخل هذه الحكومة، التي وصفها البعض بأنها تسير بعقلية لا تحترم مبدأ استمرارية المرفق العام ولا القوانين المنظمة للصفقات العمومية.

بين جرأة التصريح وغموض القرار

عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، لم يترك هذه القضية تمر مرور الكرام. عبر تدوينة قوية على صفحته، تساءل عن الجرأة التي جعلت وزير الصحة يعترف بهذا الإلغاء العشوائي أمام أعين البرلمان والمواطنين. واعتبر بووانو أن الوزير قد وضع نفسه في موقف حساس يحتاج إلى تبرير قانوني وأخلاقي واضح.

المثير في هذه القضية هو أن الوزير لم يكتف بإلغاء الصفقات فحسب، بل اختار أن يُعلن ذلك بطريقة أثارت استغراب الجميع، ما جعل البعض يتساءل: هل كان القرار بدافع الحرص على المال العام أم أن هناك أسبابًا أخرى قد تكون مرتبطة بتصفية حسابات أو تضارب مصالح؟

توقيت الإلغاء يثير الريبة

البيانات التي قدمها بووانو كشفت عن تفاصيل قد تزيد من غموض القضية. فقد أشار إلى أن الصفقة الملغاة كانت قد استوفت كل مراحلها القانونية، ورست بالفعل على شركة بعد دراسة تقنية معمقة. ومع ذلك، جاء الإلغاء في نهاية السنة، أي بعد أكثر من شهرين من تولي الوزير منصبه. هذا التأخر في اتخاذ القرار أثار تساؤلات عن سبب الانتظار إلى حين اكتمال جميع الإجراءات، بدل إيقافها وهي في مراحلها الأولى.

هل هناك ما يُخفى وراء القرار؟

بووانو لم يخفِ شكوكه بشأن وجود "بياضات" كثيرة في هذا الإلغاء. فقد تساءل عن المعايير التي استند إليها الوزير في اتخاذ قراره، وعن الأسباب التي دفعته لعدم التصريح بالخلل الذي برر به الإلغاء. كل هذا يجعل الرأي العام يتساءل عن مدى التزام الحكومة بمبدأ الشفافية وحماية المال العام.

حكومة تضارب المصالح تحت المجهر

هذه الحادثة ليست الأولى التي تُثار فيها تساؤلات عن تضارب المصالح داخل الحكومة. فمنذ تشكيلها، كانت هناك إشارات متكررة إلى قرارات اتسمت بالغموض أو شابتها شبهات تضارب المصالح. قضية وزير الصحة جاءت لتضيف طبقة جديدة من التعقيد على صورة الحكومة أمام المواطنين.

بووانو وصف الحكومة بأنها تعيش على وقع تضارب المصالح، ودعا وزير الصحة إلى نشر تقرير مفصل يشرح فيه الأسباب الحقيقية للإلغاء. وأضاف أن الوزير مطالب بملء الفراغات التي تركها قراره، وإقناع الرأي العام بأن ما فعله كان بدافع الحرص على المصلحة العامة، وليس أي شيء آخر.

المال العام... قضية الجميع

هذه القضية أعادت النقاش حول كيفية حماية المال العام وضمان أن يتم إنفاقه وفقًا للقوانين المنظمة. فإلغاء صفقات عمومية بعد استيفائها لجميع الإجراءات لا يمكن أن يكون مجرد قرار عابر، بل هو خطوة تحمل معها مسؤوليات قانونية وأخلاقية.

الرأي العام الآن ينتظر إجابات شافية من وزير الصحة وحكومته. فالقضية ليست مجرد نزاع سياسي، بل هي اختبار حقيقي لمدى جدية الحكومة في احترام القوانين وحماية المال العام. ويبقى السؤال معلقًا: هل ستتمكن الحكومة من تجاوز هذه العاصفة دون أن تفقد ما تبقى من مصداقيتها؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال