سقوط رئيس مقاطعة حسان... تصويت "الإجماع" يكشف المستور
في صباح لم يكن عاديًا بمقاطعة حسان بالرباط، اتخذ المجلس قرارًا حاسمًا بإقالة رئيسه إدريس الرازي. تصويت شبه إجماعي أخرج الرازي من اللعبة، بينما وقف فريق فيدرالية اليسار على الحياد وامتنع عن التصويت. المشهد لم يكن مجرد إجراء إداري عابر، بل هو فصل جديد في دراما سياسية تعكس الصراعات الداخلية والتصدعات العميقة داخل المجلس.
من ملتمس الإقالة إلى طاولة التصويت
القصة بدأت عندما وقع 31 مستشارًا من أصل 36 على ملتمس يطالب بإقالة الرئيس. الملتمس كان واضحًا وصريحًا، وطالب بإدراج نقطة الإقالة في دورة يناير 2025. القانون التنظيمي للجماعات الترابية، وتحديدًا المادة 70 منه، كان السلاح القانوني الذي استند إليه المستشارون. نسخة من الملتمس شقت طريقها إلى مكتب والي جهة الرباط-سلا-القنيطرة، وصولًا إلى باشا مقاطعة حسان.
وعندما جاء وقت التصويت، كانت النتيجة متوقعة. 32 مستشارًا اختاروا أن ينفضوا أيديهم من الرئيس، مؤكدين أنهم لم يعودوا قادرين على التعامل مع ما أسموه بالتسيير "الفردي"، وغياب الشفافية في صرف ميزانية السنوات الثلاث الماضية، خاصة البند المخصص للمحروقات.
أزمة الثقة والاتهامات المتبادلة
الخلاف بين الرئيس وأعضاء المجلس لم يكن وليد اللحظة. توتر العلاقات ظهر إلى السطح منذ فترة طويلة، مع اتهامات بعدم إشراك الأعضاء في القرارات، وتهميشهم عن الملفات الحساسة. لكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت رفض الرازي تقديم الوثائق المتعلقة بصرف الميزانية.
الأعضاء وجدوا أنفسهم أمام أسئلة لم يجدوا لها أجوبة، حول كيف وأين تم صرف أموال المقاطعة. بند المحروقات، على وجه الخصوص، أثار شكوكًا كثيرة. بعضهم تساءل عن وجود نفقات مبالغ فيها، بينما آخرون رأوا في رفض تقديم الوثائق نوعًا من التستر على خروقات مالية.
أسماء أغلالو تعود إلى الواجهة
في خضم هذه الأزمة، برز اسم أسماء أغلالو، العمدة السابقة للرباط، كلاعب رئيسي في الكواليس. مصادر مطلعة أكدت أنها كانت وراء تحركات الإقالة، وسعت لتوحيد الصفوف للإطاحة بالرازي. ويبدو أن أغلالو لا تنوي الاكتفاء بدورها الحالي، إذ تشير الأنباء إلى استعدادها للعودة إلى الساحة من باب المنافسة على رئاسة المقاطعة.
ما وراء الإقالة
إقالة إدريس الرازي ليست مجرد حدث عابر، بل هي صورة مصغرة لحالة التوتر السياسي التي تعيشها بعض مجالس الجماعات الترابية في المغرب. غياب الشفافية، النزاعات الداخلية، ومحاولات الاستفراد بالقرار، كلها عوامل تعري هشاشة النظام التسييري في بعض هذه المؤسسات.
وبينما قد يرى البعض في هذه الإقالة انتصارًا للديمقراطية الداخلية، يراها آخرون دليلاً على الحاجة إلى إصلاحات عميقة وشاملة في تدبير الشأن المحلي. فما حدث في حسان قد يتكرر في أماكن أخرى، طالما استمرت نفس الديناميكيات والصراعات التي تطغى على المصالح العامة.
ما الذي ينتظر مقاطعة حسان؟
اليوم، تعيش مقاطعة حسان مرحلة انتقالية غامضة. هل ستكون أسماء أغلالو هي القادرة على إعادة الاستقرار إلى المجلس؟ أم أن الصراعات ستستمر بنفس القوة ولكن بوجوه جديدة؟ الإجابة على هذه الأسئلة لن تكون واضحة إلا في الأيام القادمة.
الشارع المحلي ينتظر بفارغ الصبر ما ستؤول إليه الأمور، بينما تبقى الحقيقة الوحيدة هي أن المواطن هو المتضرر الأكبر من هذه الصراعات. ففي نهاية المطاف، تظل خدمة الساكنة هي الغاية التي تضيع وسط حسابات السياسة ومصالح الأفراد.