المشهد الصحي في المغرب.. إلى أين؟
عندما يصبح الألم مشتركًا بين المواطن البسيط والعامل الصحي، يظهر أن الخلل أكبر من أن يُختزل في بيانات ووعود. قطاع الصحة في المغرب يشهد على ما يبدو أيامًا جديدة من التصعيد والغضب، وسط أجواء من الاحتقان لم يعد بالإمكان تجاهلها. التنسيق النقابي الوطني قرر العودة إلى الساحة بحزمة جديدة من الإضرابات الوطنية، مشيرًا إلى أن الوضع بلغ درجة لا تحتمل، والمسؤولية الثقيلة تلقى بشكل مباشر على وزارة الصحة والحكومة.
الإضراب.. صرخة أم محطة تصعيد جديدة؟
الإضرابات المقبلة تشمل جميع المؤسسات الصحية، ما عدا المستعجلات والإنعاش، كأنما تقول الشغيلة الصحية إنها لن تقطع الحبل الأخير الذي يربطها بالمواطن المحتاج. ومع ذلك، فإن الرسالة واضحة وصريحة، مفادها أن الأمور لا تسير كما يجب، وأن الصبر قد بلغ نهايته. هذه ليست المرة الأولى التي تقف فيها الشغيلة في وجه وزارة الصحة، فقد سبقها إضراب وطني ووقفة احتجاجية، كلها صرخة مدوية ضد ما تعتبره تجاهلًا وتملصًا من تنفيذ الاتفاقات السابقة.
من يتحمل المسؤولية؟
وزارة الصحة تبدو في موقف المدافع، لكنها حتى اللحظة لم تقدم ما يقنع العاملين بالقطاع أو يهدئ من غضبهم. الحكومة بدورها تبدو وكأنها تنظر إلى الملف المطلبي كقضية ثانوية، فيما المواطن المغربي يجد نفسه الخاسر الأكبر في كل مرة. ففي غياب الخدمات الصحية، تتضاعف معاناته، سواء تعلق الأمر بالمستشفيات العمومية أو بتكاليف القطاع الخاص التي لا ترحم جيوب البسطاء.
الملف المطلبي.. وعود معلقة وأبواب مغلقة
النقابيون يتحدثون عن تملص واضح من الاتفاقات وعن نهج لا يستجيب لتطلعات الشغيلة الصحية. هناك غضب يتصاعد في الأروقة وبين الجدران البيضاء، والرسائل باتت أكثر صراحة من أي وقت مضى. "نريد حلولًا"، يقولون، "لا نريد المزيد من التسويف". مطالبهم ليست جديدة، لكنها مستمرة كجرح مفتوح يرفض أن يلتئم.
أين المواطن في كل هذا؟
وسط هذا المشهد، يبدو المواطن المغربي كالشاهد الصامت على معركة لا يملك فيها سوى الصبر والانتظار. كل مرة تُعلق آماله على وعود جديدة أو حوار بين الأطراف المعنية، لكنها سرعان ما تتحول إلى سراب. وبالنسبة له، الأمر لا يتعلق فقط بخدمات صحية مفقودة، بل بتكاليف إضافية وأعباء نفسية تتضاعف مع كل تأجيل.
نهاية مفتوحة وأفق مجهول
التصعيد مستمر، والإضرابات القادمة ليست سوى جزء من مسلسل يبدو أنه لن ينتهي قريبًا. الحكومة والوزارة مطالبتان أكثر من أي وقت مضى بإعادة ترتيب الأولويات وإيجاد حل يضع حدًا لهذا الوضع المتأزم. أما العاملون في القطاع الصحي، فهم يقولون إنهم مستعدون للوقوف حتى النهاية من أجل كرامتهم وحقوقهم. وبين هذا وذاك، يبقى السؤال مطروحًا: إلى متى سيبقى قطاع الصحة في المغرب ساحة مفتوحة للصراع؟