حين امتزجت السياسة بالأحلام الجماعية
عندما أعلن عزيز أخنوش عن رغبته في رئاسة المجلس الجماعي لأكادير، انتعشت الآمال بين سكان المدينة. الرجل كان يحمل أكثر من لقب، رئيس الحكومة، رئيس حزب سياسي قوي، ورجل أعمال ناجح. الكثيرون رأوا في هذه الصفات ضمانة لتحقيق طفرة نوعية تعيد أكادير إلى واجهة المدن المغربية الكبرى. الحديث كان كبيرًا عن آمال تتجاوز العادي، وتحلق عاليًا نحو معالجة مشاكل ظلت تراوح مكانها لسنوات.
الآمال التي وُلدت كبيرة
ساكنة أكادير لم تخفِ تفاؤلها، فكانت تنتظر من أخنوش أن يحدث ثورة في الملفات التي أرهقت المدينة. المستشفى الجامعي الذي ظل معلقًا، ومستشفى الحسن الثاني الذي لم يعد يحتمل الوضع، ومطرح النفايات الذي صار كابوسًا بيئيًا وصحيًا. الساكنة كانت تأمل كذلك أن ينهي عهد أخنوش معاناة أحياء سفوح الجبال، ويربطها بالخدمات الأساسية. كان الحلم كبيرًا، لكنه بدا ممكنًا في ظل الآمال التي غذتها صفات أخنوش.
التوقعات في مواجهة الواقع
لكن، بعد مرور ثلاث سنوات، بدأت الصورة تكتمل أمام ساكنة أكادير. أول ما لاحظه الرأي العام هو غياب رئيس المجلس الجماعي عن المشهد اليومي للمدينة. الرجل يبدو منشغلًا أكثر برئاسة الحكومة، ولم يكن حاضرًا لتفاصيل إدارة شؤون جماعة أكادير. الأسوأ من ذلك، أن الكثير من الملفات التي كانت تنتظر الحل، بقيت عالقة كما هي، وكأن عقارب الساعة توقفت عند ما أنجزه المجلس السابق. المستشفى الجامعي لم يفتح أبوابه، ومطرح النفايات ما زال يشكل خطرًا على الساكنة، والكلاب الضالة صارت تجوب الشوارع بلا رادع.
مشاريع ملكية واعدة في انتظار تدبير أفضل
المشاريع التي تشهدها المدينة اليوم ليست وليدة عبقرية المجلس الحالي، بل هي جزء من برنامج ملكي أطلقه جلالة الملك سنة 2020. المشاريع تشمل تأهيل المدينة حضريًا، من ملاعب القرب إلى المسابح الجماعية وقصبة أكادير أوفلا. لكن الرأي العام لاحظ أن أخنوش يحرص على الظهور فقط خلال افتتاح هذه المشاريع، والتقاط الصور التذكارية، دون أن يقدم إضافة واضحة في الملفات الأخرى التي كانت تنتظر منه حلًا.
هل كان أخنوش الخيار المناسب؟
السؤال الذي بدأ يتردد بين سكان أكادير اليوم هو: هل كان من الأفضل أن يتولى شخص آخر، مقيم في المدينة، رئاسة المجلس؟ الإجابة تأتي غالبًا بالإيجاب، حيث يرى الكثيرون أن شخصًا متفرغًا لتسيير شؤون المدينة كان سيحقق نتائج أفضل. أخنوش، رغم كل مؤهلاته، بدا غير قادر على المزاوجة بين رئاسة الحكومة وتدبير المجلس الجماعي. النتيجة كانت حالة من الجمود في الملفات الكبرى، وغياب واضح لأي بصمة خاصة للمجلس الحالي خارج المشاريع الملكية.
مدينة في الانتظار.. متى يأتي الغد الأفضل؟
اليوم، تجد ساكنة أكادير نفسها عالقة بين طموحات كبيرة وواقع يعاكس التطلعات. المشاريع الملكية، التي تحمل آمالًا كبيرة للمدينة، تنتظر تدبيرًا ناجحًا يعيد لها الحياة. لكن أخنوش، الذي كان يُنظر إليه كرجل المرحلة، لم يكن في مستوى التحدي. الرأي العام يتساءل الآن عما إذا كانت أكادير تحتاج فقط إلى تدبير محكم لهذه المشاريع، أم أنها بحاجة إلى تغيير شامل في طريقة إدارة شؤونها الجماعية.
ختامًا، يبدو أن أكادير تعيش حالة انتظار مستمرة، تنتظر فيها ساكنتها زخمًا جديدًا يقود المدينة نحو أفق أكثر إشراقًا. لكن الأمل يظل معلقًا، مثل شمس تشرق من وراء الغيوم، في انتظار يوم أفضل يعيد للمدينة مكانتها المستحقة.