هل هي حكومة أم آلة لكسر الحقوق؟



حينما تسأل الحكومة عن الحوار الاجتماعي، ستُغرقك بعبارات منمقة وخطابات مشبعة بوعود وردية. لكن الواقع يصرخ بأننا أمام مشهد مُتكرر لفيلم سيئ الإخراج. الكونفدرالية الديمقراطية للشغل لم تعد تحتمل هذا العبث الممنهج، فأعلنت عن برنامج تصعيدي سيبدأ يومي 14 و15 دجنبر الجاري. والسبب؟ حكومة تتفنن في تهميش الاتفاقات الموقعة وكأنها مجرد أوراق تُطوى وتُرمى.

مشروع الإضراب.. هل نعيش عصرًا جديدًا من التكميم؟

مشروع قانون الإضراب الذي أحالته الحكومة على البرلمان يكشف نواياها بوضوح. القانون، بشهادة الجميع، ليس سوى أداة جديدة لتقييد العمال ومنعهم من التعبير عن حقوقهم المشروعة. الكونفدرالية لم تتوانَ في وصفه بالنص التكبيلي، مُشيرة إلى أنه يعكس رغبة مبيتة في وأد الحريات النقابية. وكأن الحكومة تقول للعمال: اصمتوا واشتغلوا، ولا مكان لكم في المشهد.

الحوار الاجتماعي.. قناع بلا ملامح

تتحدث الحكومة عن الحوار الاجتماعي وكأنه طوق نجاة للمجتمع، بينما الحقيقة أنه مجرد قناع زائف. ففي الوقت الذي يُفترض فيه أن يكون الحوار وسيلة لبناء جسور الثقة، نجده يتحول إلى منصة لتمرير القرارات الأحادية. مشروع دمج CNOPS في CNSS خير دليل على ذلك، إذ تم تجاهل مؤسسة الحوار الاجتماعي وكأنها كيان غير موجود. القرارات تُصنع في الكواليس ثم تُفرض على الجميع وكأنها أوامر عسكرية.

المتقاعدون.. أين الإنصاف؟

المتقاعدون، تلك الفئة التي أفنت عمرها في خدمة هذا الوطن، أصبحت مجرد رقم في سجلات الحكومة. الإعفاء الضريبي التدريجي الذي تتغنى به الحكومة لم يحقق أي إنصاف يُذكر. الحد الأدنى للمعاشات لم يرتفع، والزيادات التي تتناسب مع نسبة التضخم باتت حلمًا بعيد المنال. وكأن الحكومة تقول لهذه الفئة: أنتم لستم أولوية.

احتجاجات في الأفق.. الشارع يشتعل

الكونفدرالية لم تقف مكتوفة الأيدي، وأعلنت عن استعدادها لخوض كافة أشكال النضال. الجبهة التي شكلتها مع هيئات حقوقية وسياسية تُعد صفعة قوية للحكومة، التي باتت تجد نفسها محاصرة بين مطالب الشارع وغضب النقابات. الاحتجاجات المرتقبة ستكون رسالة واضحة بأن الشعب لن يقبل بالمزيد من الانتهاكات.

من يقود السفينة؟

الوضع الحالي يُثير سؤالًا جوهريًا: من يقود هذه السفينة؟ حكومة تتحدث باسم الشعب لكنها تصم آذانها عن صرخاته؟ أم نخبة سياسية فقدت البوصلة ولم تعد تُدرك أن الحقوق ليست هِبة بل واجب لا جدال فيه؟ يبدو أننا أمام مشهد عبثي تُديره أيادٍ لا تفقه سوى لغة القمع والتهميش.

رسالة أخيرة.. إلى أين؟

الحكومة مطالبة اليوم بالتوقف عن سياسة الهروب إلى الأمام. الحريات النقابية ليست ترفًا، والحقوق الاجتماعية ليست مجالًا للمساومات. إذا استمر هذا النهج، فإن الشارع لن يظل صامتًا. الاحتجاجات المقبلة قد تكون بداية لزمن جديد، زمن يقول فيه الشعب كلمته دون خوف أو تردد.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال