علبة أسرار الوكالات الحضرية.. فساد تحت قبة الإصلاح؟
في مشهد سياسي يشبه المهرجانات الانتخابية، يفتح البرلمان باب النقاش حول الوكالات الحضرية، تلك المؤسسات التي من المفترض أن تكون درعًا واقيًا للتخطيط الحضري، لكنها باتت متهمة بكونها "مصنعًا" للخروقات. المعارضة وأطراف من الأغلبية قرروا وضع أيديهم في ملف يبدو أشبه بصندوق باندورا، مليء بالأسرار التي قد تجعل القصة أكثر إثارة مما نتصور.
بين الشعارات والإصلاح.. من يصدق المسرحية؟
عندما تسمع عن عزم البرلمان تشكيل مهمة استطلاعية لكشف أسرار الوكالات الحضرية، قد تعتقد أن الإصلاح قادم على ظهر جواد أبيض. لكن من يعرف كواليس اللعبة السياسية في المغرب يدرك أن الأمر قد لا يتجاوز كونه حلقة جديدة من مسلسل "الإلهاء السياسي". مهمة هنا، وعريضة هناك، لكن النتيجة غالبًا ما تكون "لا جديد تحت شمس الرباط".
الوكالات الحضرية.. أداة للتنمية أم وكر للفساد؟
الوكالات الحضرية كانت في الأصل فكرة نبيلة، وسيلة لتنظيم المدن وضبط النمو العمراني. لكنها، حسب مصادر برلمانية، أصبحت مجالًا خصبًا لتمرير الصفقات المشبوهة، منح التراخيص لمن يدفع أكثر، وترك البسطاء يصارعون تعقيدات إدارية لا تنتهي. إذا كان الحديث عن فساد في الوكالات صحيحًا، فما الذي تنتظره الوزيرة فاطمة الزهراء المنصوري لفتح الملفات؟ أم أن "السلاسل غلقت على الأبواب"؟
وزيرة بين المطرقة والسندان
لا يختلف اثنان على أن المنصوري تواجه تحديًا حقيقيًا. فهذه المهمة الاستطلاعية قد تكون فرصتها لإثبات جدية خطاباتها حول الإصلاح. لكن التحدي الحقيقي ليس فقط في كشف الملفات، بل في مواجهة من يعرقلون التغيير من داخل المؤسسات نفسها. هل ستجرؤ المنصوري على إحالة المتورطين إلى القضاء؟ أم أن "التوازنات السياسية" ستفرض كلمتها في النهاية؟
عندما يتحالف الذئب مع الحمل
الغريب في هذه القضية هو تحالف نواب المعارضة وبعض من الأغلبية، وهي ظاهرة نادرة في السياسة المغربية. ربما لأن الرائحة فاحت لدرجة أن الجميع قرر "غسل يديه". لكن هل يعني ذلك أن هناك نية حقيقية للإصلاح، أم أن الهدف مجرد لعبة ضغط سياسي لتحقيق مكاسب أخرى؟ وحدها الأيام ستجيب.
فساد بالمزاد العلني.. من يدفع أكثر؟
إذا كانت هذه الاتهامات صحيحة، فنحن أمام مشهد عبثي بامتياز: مؤسسة وُجدت لخدمة المواطن تتحول إلى سوق سوداء لتجارة التراخيص والمشاريع. المواطن الذي ينتظر من الوكالات الحضرية أن تسهل عليه بناء منزل صغير يجد نفسه أمام سماسرة يتفاوضون على المتر المربع وكأنه سلعة تُباع في المزاد.
الإصلاح.. كلام في الهواء؟
المغاربة ملوا الشعارات الجوفاء والخطابات الرنانة. إذا كانت هذه المهمة الاستطلاعية مجرد محاولة لإخماد الغضب، فإنها لن تكون إلا صفحة أخرى تُضاف إلى كتاب خيبات الأمل. أما إذا كانت جادة، فلتبدأ بإجراءات ملموسة: فتح الملفات، محاسبة المسؤولين، وإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب.
إلى متى تستمر المسرحية؟
الوكالات الحضرية قد تكون عنوانًا صغيرًا لمشكلة أكبر، وهي غياب المحاسبة وضعف الإرادة السياسية. إذا استمر هذا النهج، فلا تنتظروا أن تتحسن الأمور. لكن ربما، وربما فقط، قد تكون هذه المهمة الاستطلاعية بداية حقيقية لتغيير طال انتظاره.