أدوية بثمن الذهب.. من يدفع الثمن؟
في المغرب، يبدو أن المرضى ليسوا فقط ضحايا المرض، بل هم أيضًا رهائن للغلاء الفاحش في سوق الأدوية. تقرير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة يكشف المستور:
أسعار الأدوية المحلية والمستوردة مرتفعة بشكل مثير للسخرية. مقارنةً مع دول أخرى، نجد المغاربة يدفعون أضعاف الثمن مقابل نفس الدواء. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل العلاج في المغرب أصبح امتيازًا للأثرياء فقط؟
لوبي الأدوية.. إمبراطورية خارج السيطرة
شركات الأدوية، حسب التقرير، تُشبه لوبيات تتحكم في السوق دون حسيب أو رقيب. أرباح خيالية تُجنى على حساب صحة المواطن الذي يئن تحت وطأة الأعباء.
الحكومة تبدو وكأنها عاجزة أو ربما متواطئة، لأنها لم تستطع حتى الآن كبح جماح هذه الشركات التي تُدير السوق وكأنه مزرعتها الخاصة.
الأدوية الجنيسة.. حل مهمل في رفوف الإهمال
في الوقت الذي تعتمد فيه دول عديدة على الأدوية الجنيسة كبديل فعال وبأسعار مناسبة، نجد المغرب يستورد أغلب الأدوية باستثناء الجنيسة منها. يبدو أن هذه السياسة ليست سوى هدية مجانية للوبيات الأدوية، على حساب صحة المواطن الذي يستحق الوصول إلى علاج ميسر.
فوضى المكملات الغذائية.. الأنترنيت يتحول إلى صيدلية غير مرخصة
المثير للسخرية أن الفوضى لا تقتصر فقط على أسعار الأدوية. الأنترنيت أصبح ساحة لبيع المكملات الغذائية والأدوية المزورة دون أي رقابة. المواطن، الذي يبحث عن حلول رخيصة، يجد نفسه أمام خطر جديد يهدد صحته بسبب منتجات مغشوشة لا تخضع لأي معايير سلامة.
أين هي الجهات الوصية؟ أم أن الرقابة خرجت في إجازة طويلة الأمد؟
المريض بين المطرقة والسندان
بين الأدوية الباهظة الثمن والمكملات المزورة، يجد المواطن نفسه تائهًا وسط دوامة من الخيارات المستحيلة. الحق في الصحة، الذي يفترض أن يكون حقًا مقدسًا، يتحول إلى ترف يصعب الوصول إليه في بلد يُفترض أنه يعمل على تحسين ظروف معيشة شعبه.
الحكومة في موقف المتفرج
عوض أن تتدخل الحكومة لضبط السوق وتحديد أسعار الأدوية بما يتماشى مع القدرة الشرائية، نجدها تتفرج على المشهد وكأن الأمر لا يعنيها. أليس من المفترض أن تكون وزارة الصحة حاميًا لهذا الحق الأساسي؟ أم أن لوبي الأدوية أكبر من أن يُقاوم؟
ما الحل؟ أم أن الوضع ميؤوس منه؟
الأرقام لا تكذب. الأسعار المرتفعة، ضعف الرقابة، والفوضى في السوق كلها تؤكد أننا أمام أزمة حقيقية. المطلوب الآن هو إرادة سياسية حقيقية لكسر هيمنة اللوبيات وتوفير الأدوية بأسعار معقولة.
في النهاية، يبقى المواطن هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة الملتوية. ولكن إلى متى؟
إذا استمرت الأمور بهذا الشكل، قد يتحول الحق في الصحة من شعار دستوري إلى مجرد خيال في أذهان المغاربة الذين لم يعد لديهم خيار سوى الصمت أو المرض في صمت.