صدام داخل التجمع الوطني للأحرار: هل غياب الحوار يهدد وحدة الحزب؟



أزمة سياسية في أيت ميلك: بين الولاء الحزبي واستقلالية القرار

شهدت جماعة أيت ميلك بإقليم اشتوكة أيت باها زلزالًا سياسيًا، بعدما قرر حزب التجمع الوطني للأحرار رفع دعوى قضائية ضد خمسة من أعضائه في المجلس الجماعي. السبب؟ دعمهم لملتمس يطالب رئيس الجماعة، المنتمي لنفس الحزب، بتقديم استقالته. خطوة كهذه فجرت أزمة داخلية وحولت الانضباط الحزبي إلى محور نقاش ساخن حول مدى تأثيره على الممارسة السياسية.

خلفيات الصراع تتعمق

كل شيء بدأ في شتنبر، حين قرر خمسة أعضاء من المجلس الجماعي إدراج نقطة استقالة الرئيس في جدول أعمال دورة أكتوبر. المحكمة تدخلت بسرعة وألزمت الرئيس بإدراج النقطة بعد حكم معجل، لكن المفاجأة الكبرى كانت في جلسة أكتوبر، حيث أصر الأعضاء على دعم الملتمس رغم تعليمات الحزب الواضحة بالتصويت ضدّه. هذا التمرد على قرارات القيادة لم يمر مرور الكرام، ليقرر الحزب اللجوء إلى القضاء ومطالبة المحكمة الإدارية بتجريدهم من العضوية بناءً على القانون التنظيمي للجماعات.

تساؤلات حول الانضباط الحزبي

مصادر من داخل الحزب كشفت أن جذور الأزمة تمتد لغياب قنوات حوار فعالة مع الأعضاء المتمردين. هذه المعضلة فتحت النقاش حول طبيعة العلاقة بين الأحزاب وأعضائها. هل الانضباط الحزبي واجب مقدس أم قيد يكبل حرية الأعضاء؟ القضية جعلت الكثيرين يتحدثون عن دور شخصنة العمل الحزبي وكيف تؤثر على المصداقية، خصوصًا عندما يصبح الولاء للأشخاص أكبر من الولاء للمبادئ.

المحكمة الإدارية في الواجهة

كل الأنظار الآن متجهة نحو المحكمة الإدارية التي من المقرر أن تصدر حكمها في هذه القضية نهاية الأسبوع. القرار المنتظر قد يحدد مستقبل العلاقة بين الأعضاء المتمردين وحزبهم، لكنه أيضًا سيطرح تساؤلات أعمق عن قدرة الأحزاب المغربية على إدارة الاختلافات الداخلية. فاللجوء للقضاء بدل الحوار يبعث برسائل متناقضة حول النضج السياسي والقدرة على حل الخلافات بشكل داخلي.

ما بين السياسة والمصلحة العامة

هذه القضية ليست مجرد خلاف داخلي، بل هي نموذج للتحديات التي تواجه العمل الحزبي في المغرب. الانضباط ضروري لضمان وحدة الصف، لكن حرية الأعضاء في اتخاذ القرارات يجب ألا تضيع في الطريق. الأزمة في أيت ميلك هي دعوة لإعادة التفكير في طرق إدارة الخلافات داخل الأحزاب وتعزيز الحوار الداخلي، لأنه بدون ذلك، تبقى المصالح الحزبية على رأس الأولويات، على حساب المصلحة العامة.

إلى أين تسير السياسة المحلية؟

قضية أيت ميلك قد تكون واحدة من بين أزمات أخرى تعكس واقعًا سياسيًا يحتاج لإصلاحات جذرية. الأحزاب اليوم مطالبة بتقديم نموذج جديد للتفاعل مع الأعضاء، حيث يمكن الجمع بين الانضباط الحزبي وحرية اتخاذ القرار. السؤال المطروح الآن: هل ستستفيد الأحزاب من دروس أيت ميلك، أم أن مسلسل الأزمات سيبقى مستمرًا؟

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال