ملف التغطية الصحية تحت المجهر
ما زالت التساؤلات تحوم حول مستقبل حوالي 3 ملايين مغربي من المنخرطين في الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والذين ينتظرهم ترحيل تدريجي إلى النظام الجديد تحت إشراف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. خطوة كهذه، التي كشفت عنها النسخة المعدلة لمشروع قانون الإدماج، تضع على عاتق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مسؤولية ضخمة، وتجعل مصير ملايين المؤمنين محور جدل ونقاشات حادة.
ما الجديد في مشروع القانون؟
حسب ما تم الكشف عنه، فإن النص الجديد يسلّم إدارة التغطية الصحية لمجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي سيتكفل بالنظر في شؤون التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، سواء في القطاع العام أو الخاص، إضافة إلى التغطية الصحية الأساسية الأخرى التي كان “كنوبس” يتولى إدارتها. القرار يبدو في ظاهره سعيًا لتحقيق تكامل وإصلاح على مستوى التغطية الصحية، ولكن خلف الكواليس، هنالك قلق حول كيفية تنفيذ هذا الانتقال، وما إذا كانت بنية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ستتحمل هذا العبء الثقيل.
تساؤلات واستفهامات.. ولا إجابات واضحة
رغم التطمينات التي تحاول الجهات المعنية تقديمها، إلا أن الغموض ما زال يلف مصير هذا المشروع. كيف سيتم ترحيل المنخرطين؟ وهل ستتأثر خدماتهم؟ وماذا عن مصير الاحتياطات المالية التي تم جمعها على مدى سنوات عبر “كنوبس”؟ هذه الأسئلة لا تجد إلى الآن إجابة واضحة، ويبدو أن التحفظات تزداد مع كل مستجد يظهر في هذا الملف.
هل النظام الجديد جاهز لتحمل الضغط؟
الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي لطالما واجه تحديات على مستوى تقديم خدماته، يجد نفسه الآن أمام مسؤولية مضاعفة. إذ ستنضاف إليه شريحة واسعة من المستفيدين من التغطية الصحية، مع كل ما يتطلبه ذلك من موارد وميزانيات إضافية. ومن غير الواضح بعد إن كانت الإدارة الحالية مستعدة لتحمل هذه الأعباء، أم أن المواطنين سيجدون أنفسهم أمام نقص في الخدمات أو مشاكل تأخر الأداءات الطبية.
خطوة نحو الإصلاح أم مجرد تجميع إداري؟
يروج البعض أن هذا الإدماج قد يكون خطوة جريئة نحو إصلاح النظام الصحي وتحقيق تنسيق أفضل بين أنظمة التغطية الاجتماعية المختلفة. إلا أن البعض الآخر يرى في هذه الخطوة مجرد عملية تجميع إداري، لا تأخذ في عين الاعتبار الفروقات التنظيمية بين القطاعين العام والخاص. وإذا لم تتم هذه العملية بدقة ووفق رؤية واضحة، فقد تتحول إلى عبء إضافي يثقل كاهل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ويؤدي إلى مشاكل لا تنتهي.
مخاوف المنخرطين تزداد.. ومطلب الشفافية حاضر
منخرطو “كنوبس” ليسوا على يقين مما ينتظرهم، وأصوات عديدة تطالب بالمزيد من الشفافية حول مآل هذا المشروع وتفاصيله. فالحق في المعلومة هو الحد الأدنى الذي يجب توفيره لهؤلاء المؤمنين، خاصة أن مصير صحتهم وصحة أسرهم معلق بخيوط هذا التغيير.
في انتظار توضيحات رسمية
وإلى حين تقديم الجهات المسؤولة لتفاصيل أوفى، يبقى الشارع المغربي في حالة ترقب. لا أحد يعرف كيف ستسير الأمور، ولا أحد يملك اليقين حول مستقبل التغطية الصحية بعد هذا الإدماج. الأمر الوحيد الذي يبدو واضحًا هو أن الجميع بحاجة إلى رؤية شاملة وإجابات ملموسة تطمئن المستفيدين وتوضح مآل هذا التغيير الكبير في مسار التغطية الصحية بالمملكة.